الاثنين، 22 أكتوبر 2012

Esc



لكم أن تقرأوا ما سأكتب الآن ، ولكم أن تتناقلوه فيما بينكم ، أو بينكم وبين أنفسكم ، المهم أن لا تسألوا عن المكتوب ، ولا حتى عني ..
لكم أن تفكروا كما تشائون ، أن تحبوا وتكرهوا كما ترغبون ، المهم أن لا تنصحوا وتنظرّوا وتحاولوا زرع شيءٍ لا ينبت كالأمل مثلا في رأسي !
مقطوعة موسيقية تتسرب الآن عبر أذني إلى رأسي و كلّي ، فتملؤني هي وأشياء أخرى برغبة ، أعتقد أنها الرغبة في البكاء ، ولكنني لست متأكدة من ذلك . خيبة الأمل لم تغادرني من مدة خصوصا أن علاقتي بالدراسة مترديّة على غير العادة ، وإن نظرة واحدة إلى دفاتري ستقول الكثير عن الحالة ، الرف فوق السرير مثقل بالكتب والدفاتر والأوراق والكتب والروايات ، وأنا في داخلي أشياء وحواجز تمنعني من ان أفعل ما أريد!
لا أدري لماذا أمتلىء أنا وصديقة لي بفكرة السفر ، لا وبل نحلم بطريقة جنونية بالموضوع ، وأشعر أن معظم البشر يبحثون عن وطنهم في المنفى ، أعرف أن الغربة سيئة ومرّة وأن من جرّب طعهما ، قد حنّ وندم ، أعرف أن البلد التي فيها نُولد ونعيش وندرس هي الأصل وإليها نحنّ دوما . لكنني أريد أن أجرّب الغربة على مرارتها ، أن أجرّب البرد هناك ، أريد شارعا جديدا أتمشى فيها أريد حرية سقفها أعلى ولو قليلا من سقف الحرية هنا ، أريد أن أشعر بالأمان الذي فقدته هنا ، هل الأمان مفقود عند الجميع ، هل تشعرون بالخوف أحيانا كثيرة !؟
العمر قصير ، والوقت ينفذ ، والحياة تخدعنا دوما ، نظن أننا نفعل ما نفعل أملا بالحياة بصورة أفضل ، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما ، أراها تستحيل جحيما ، أرى الناس تدور في دوائر لا نهاية لها ، أراني أستيقظ كل يوم بتثاقل ، أعبىء حقيبتي كتبا وأقلام ودفاتر ، أضيع عمري في المحاضرات ، أسترق دقائق بينها أسمع الموسيقى أو أغنية ما وأحلم ، وأقول لصديقاتي أن هذه الحقيبة الكبيرة فأل خير ، تشعرني أنني في المطار ، ونضحك قهرا !
لا أعرف بالضبط ما الذي يحصل معي الآن ، لا أدري ما سبب هذه الأفكار اللعينة التي تنمو في الرأس كورم خبيث ، أحاول أن اهدىء وأستكين وأن أوجّه دماغي ليفكر كما معظم المحيطين لكنه لا يستجيب ويتعبني ، أصرخ في داخلي وأبكي في داخلي ، وابتلع الغصة تلو الأخرى ، وأخرس !
·        أنا بخير ، سأدخل غيبوبتي بعد قليل ، وبعد ذلك ليذهب هذا العالم إلى الجحيم !



الأحد، 8 يوليو 2012

..


مدخل : يقول طاغور : "إننا نعيش في هذا العالم حين نحبه " .
وأنا أقول : " أن الإنسان ، ولكي يحب هذا العالم ،فهو ليس بحاجة إلى أكثر من شيء أو شخص يجعل هذا العالم بالنسبة له ، مكان يصلح للعيش "
وأقول أيضا : "أنك ،ولكي تكره هذا العالم ، فأمامك مئة سبب وسبب كي تكرهه فعلياً " 


وأقولُ من جملة ما أقول أنه لا بدّ لي من قراءة أولى . قراءة أولى لكل شيء ، ولأي مادة دراسية  ،أعرّج بها ومن خلالها على كل جملة ، كلمة كلمة ،حرفا حرفا ، حتى لو لم أفهم شيئاً ، فإنها قراءة لا بدّ منها ، كي يصبح الفهم شيئاً ممكنا !
شيءٌ كهذا ، لم ولن أستطيعه ، أو يستطيعه أي بشري من أن يفعله مع الحياة ، إذ لا مجال لقراءة أولى . وأننا ولكي تتاح لنا فرصة ذهبية كهذه ، فلا بدّ لنا من أن نحيا على هذه الأرض مرتين ، الأمر الذي لن نستطيعه جميعاً بالدرجة الأولى ، والذي لا أرغب به أنا شخصياً بالدرجة الثانية !
لعلّ قراءة كهذه كان لا بدّ لها من أن تساعدني ولو قليلاً على فهم الكثير من الأشياء ، ولا أريد أن أبالغ بالقول : كل الأشياء التي تستعصي على الفهم . بدايةً من هذا العالم المنقسم إلى إلى عوالم متنوعة وكثيفة تكاد تكون منعزلة تماماً عن بعضها ، بل إن الواحد منها يكفي ليكون عالماً قائماً بذاته !
ففي الجامعة ، هذا العالم الضخم الذي أنتمي إليه ، والذي يزيد عدد طلابه عن سكان مدينتي ، طلابُ في مقتبل العمر ، معبئين بالأحلام والأماني ، طافحين بالعنفوان واللامبالاة ،وأشياء أخرى . يكاد همّ الواحد منهم وبالنسبة للغالبية ، لا يتجاوز المواد الدراسية والامتحانات ، وبالكاد يعرفون أو يشعرون بالعوالم الأخرى القريبة جدا منهم . فعلى مسافة لا تحتاج إلى أكثر من 10 دقائق مشيا على الأقدام ، "عالم" ، عالم آخر تماماً ،مختلف بكل أبعاده وتفاصيله عن عالم الشباب والأحلام ، لا بل إنه على النقيض تماماً !
تقدمك لهذا العالم لافتة بيضاء ، مكتوب عليها : "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني \دار المسنين\ تأسست عام 1952م"!
هناك : حيث تتلاشى الحواس وتنطفىء واحدة واحدة ، هناك ، حيث تصغر الأحلام وتختفي كما لو انها لم تكن ، وتصغر الرغبات وتتواضع إلى حدّ أنها تُختَصر في قطعة حلوى !
هناك :حيث الحاجة هنيّة ،تشارك الغرفة مع ثلاث مسنات أخريات ، أدخلُ أنا إلى الغرفة ، وما إن أضع يدي على كتفها حتى تصحو من غفوتها .تعدّل هي جلستها قليلاً ، وأجلس أنا عند نهاية السرير ، تسألني أسئلة غايةً في العادية والروتينية عن أشخاص تعرفهم ، ثمّ ولا أدري كيف ، يتغيّر مسار الحديث ، لنصل إلى بيتها المؤلف من غرفة يتيمة . أدقق أنا في وجهها ، وأرى كيف تردع الدمعة فترتد إلى الداخل !
وعند الوداع ، تصافحني وتقبلني كما لو كانت تصافح مدينتي بأكملها ، المدينة والبيت ، والمعارف ، والذكريات الجميلة والحزينة ، وكل كل شيء !
مخرج: هل أحزن لأنني فتحت باباً يسدّ الأفق ، ويقطع أي يدٍ للأمل تمتد !
أم أبكي لأنني أحاول أن أحب الحياة فلا أستطيع !





الجمعة، 20 يناير 2012

وهكذا!




هل يجب أن نقف دوماً عند نهاية الأشياء . أو عند بدايتها. أقصد هل يجب أن نتحدث عن اللحظات الفاصلة بين فترتين . كأن تكتب احتفاءً بسنة جديدة . أو أن تكتب عن انقضاء إجازتك اللعينة النتنة مثلاً . بالطبع لا !
لو كنتُ أعي نفسي عندما كنتُ طفلة لرغبت بالكتابة عن اللحظة التي وقفتُ فيها ، عندما وقفتُ وارتجفت قدماي ، ثم وقعت . هل حصل ذلك!؟ لا أدري . ولم يخبرني أحد بذلك .

سأحبُّ أن أكتبَ عن آلةٍ موسيقية سأشتريها في الغد . الغد أعني المستقبل . ربما بعد شهر . أو بعد عام . أو أنا لا أدري . سأكتب عن أول درس موسيقى . عن صبر الأستاذ . لا ! ربما تكون معلمة .. إن كانت هذه الآلة عود . سأخبر الأستاذ أو المعلمة عن مقطوعة ترنيمة العود . أو الفجر الثاني . وسأقول لهم أنني أريد أن أعزف هذه المقطوعة التي فتنتني منذ سنوات . ولا زلت أنتظر اللحظة التي سأكره فيها هذه المقطوعة . تماماً مثلما أحببتُ بعض الأشياء ثم كرهتها بلا سبب ، وبكل بساطة . وكأن شيء لم يحصل !

والآن أكتب عن أنا  في حضرة الفراغ ، أنا بلا جامعة ، بلا نعاس ،  بلا باص ، بلا جبال اعتدتها وأعتدات عليّ في النهار مرتين ، بلا درجات ثلاث طوابق تقتلني أنا التي تكره المشي ، وصعود الدرج أكثر من أي شيء آخر . أنا بدون توتر امتحانات نهاية الفصل لأن معدلي التراكمي يريد هو لا أنا أن يصبح ثلاثة لا أقل ولا أكثر ، أنا بعيداً عن محادثات مباشرة مملة وفضولية ع الأغلب أو هكذا أنا أشعر . بعيداً عن بائع علكة على الرصيف ، أو بائع جوارب بألوان فاتنة .

وبالنسبة للزمن ! هل سبق أن قلتُ أنه سريع ؟ لا إنه بطيء ! أعني هو سريع وبطيء بنفس الوقت ، وأنتِ تبتسمين أحياناً كلما أنهيتِ فصلاً دراسياً على أساس أنكِ تقتربين من يوم التخرج . غباء! الأمر أشبه بشخص يفرح كلما كبر عاماً علماً بأنه يقترب من الموت على أساس أن الكبير في السن هو الذي يموت قبل غيره!
لا داعي لهذا الفرح الأهبل ، هذه المرحلة من الحياة أقصد التي تعيشينها الآن إذا استثنيتِ منها الإجازات الباردة الكئيبة :  عادية وجميلة بنفس الوقت ، تشربين القهوة ، تسمعين فيروز و أميمة خليل ، وقلبك ينبض بشدة لدرجة أنه يوشك أن ينفجر أحياناً .

وعن القراءة . فأنتِ تقرئين على صوت مقطوعة موسيقية تشعرين أحياناً أنها جنازة! المشكلة أنكِ أحببتها وإن كانت بنظر أذنيكِ جنازة ، تفكرين أحياناً بترك القراءة إلى الأبد ، وعيش الحياة هكذا على تفاهتها وقذارتها ، ما تعرفينه ، أن القراءة لا تخفف وطأة الإحساس بتفاهة الحياة ، لكنها وحدها تُغيّبك عن العالم ، تنقلك من الهم الشخصي ، إلى هم أشخاص آخرين ، وهمهم ينسيكِ همك . أيّ تفاهة هي التي أنتِ فيها .؟
تأخر الوقت ، وأميمة خليل تغني منذ الأمس وكأنها تريد أن تأكد لي أنني لست وحيدةً مع هذا الليل ، أقصد الفجر أياً كان ..وضعتُ النقطتين ..سكتُ ..هي تغني ..إيمتى الأيام رح تصفالي ..وهكذا !



  



الاثنين، 2 يناير 2012

.


- بتكرهي المدرسة ..؟
-جداً
-منذ متى ؟
منذ زمن .
طيّب ..ماذا فعلت بكِ ؟
لا شيء مهم ..
فقط درستُ ونسيتُ أن أتعلم ..
قلقتُ ونسيت أن ألعب .
سكتُ ونسيت الكلام .
حتى الطاولات لم أقفز فوقها ، وحقي في المشاغبة ضيّعته فأخذه غيري ...
مشيتُ إليها كثيراً فبات المصعد شيئا محبباً.
لم يخبروني فيها أن في العالم عود ، وكمان ، وقيثارة .
حتى فيروز لم نغني لها إلا مرة أو اثنتين .
وحين مات محمود ، لم أبكِ لأني لم أكن أعرفه .
متُ فيها ..وحين استيقظت اكتشفت بأنني تأخرت.
.............


السبت، 31 ديسمبر 2011

لا شيء!


مؤخراً ، فكّرت كثيراً أن أكتب ، لكن عبثاً ، الكلمات كانت تفلت وتضيع مني ، حاولت كثيراً أن أحبسها في مكان ما فيّ ثمّ ألقي بها في غياهب الورق ، لكن بلا فائدة ، لا أنا كتبت ، ولا أنا بكيت ..
والآن ، أحسُّ أنني يجب أن أكتب ، يجب أن أقول و أخبّر ولو بضع كلماتٍ في "سنة" ستحمل حقائبها وترحل ، لعلّي لا أودّ ولا حتى أستطيع أن أقول فيها شيئاً بقدر ما أودّ أن أقول وأخبّر عن نفسي .
-         أنا التائهة الغريبة ، أنا الصغيرة الكبيرة ، التي لا تريد من هذا العالم المتداعي شيئاً سوى جناحين كتلك التي لا أنفكُّ أرسمها لفراشاتٍ على الورق ، جناحين فقط ، يحملانني إلى الأماكن الجميلة في هذا العالم ، كل الأماكن بلا استثناء ، ثمّ وبعد أن أشعر بالملل أحطُّ في الجنة . أريدُ جناحين! فأنا لست شجرة ولن أكون !
-         أنا التي تنام الليل من دون أن تحلم ، تحاصرها الأحلام في النهار وفي قمة اليقظة ، حتى بعد أن توقفتُ عن الإيمان بها ، أحلام هي في نظري تافهة بسيطة ، لكنها لا تنفكُّ تقاتل بكل ما أوتيت من قوة ، فقط من أجل أن تري وجهها الشاحب للنور ، هكذا ببساطة !رغم العالم الذي ينهار ويفقد قطعة منه في كل لحظة ، ورغم الأرض التي وعلى ما يبدو عافت من عليها ، وراحت تبتلع أكثر من أي وقتٍ مضى!
-         أنا ورغم بشاعة هذا العالم ، عتمته ، برده ، وبؤسه ، رغم دفتيّهِ المشرّعتين على جهنم ، لا زلتُ أحبُّ الحياة كما هي ، عادية ، بسيطة ، رقيقة ، حياة لا تتعدى كونها كومة صغيرة من الجمر تدفئ أيامي ،مقطوعة موسيقية تبكي وتُبكي عيون قلبي ، ثم رواية تثرثر حتى الموت !

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

...


عندما كنت صغيرة في يوم ما ، كانت الحياة بالنسبة لي محض واجب بيتي ، أكتبه فتنتهي كل متاعبي ، أذكر أنني كنت ألعب مع بنات وصبيان الحارة ، يا الله كم كنا سعداء ، الآن كبرنا كلنا ، كلنا ، لم يبقى أي منا صغير .. وأنا لا زلت أذكر نفسي عندما كنت في روضة الأطفال ، روضتي كان اسمها ، "روضة أطفال السلام" ومديرة الروضة كان اسمها عائشة ، ومعلمتي "لوليتا" ..وكم أبدو أنا مضحكة عندما ألتقي بمعلمتي هذه ، أنظر إليها ، أفكر كثيراً ، هل أصافحها ؟ هل تذكرني ؟ هل أذّكرها بي ؟ ..وتدور الأسئلة في عقلي ، المشكلة أنني كبرت كثيراً ، فكيف لها أن تذكرني سيما أنها قد درّست الكثير من الأطفال بعدي ..
أذكر بعض الوجوه من تلك الأيام ، لا زلت أذكر ذلك الطفل الذي كان يرجوني لأسمح له باستخدام ممحاتي ، حتى أنه ألّح عليّ مرة وحلف لي أنه سيرجعها فصدّقته ، ولكنه كعادته أكلها !
أذكر طفلين ، هما بلال وزكريا ، لم أكن أحبهما على الاطلاق ..وأذكر الدكان الذي كنا نتردد عليه كثيراً ، وصاحب الدكان كان "أبو سمير" ، أشترينا من محلّه الكثير الكثير من الأشياء ، وإن لم تخنِ الذاكرة فأولى دفاتري كانت من هناك ، لا أدري لماذا أذكر الآن تلك اللحظة ، يوم ذهبت مع أخي إلى هناك ، وقتها وقفنا أمام الثلاجة واحترنا أي نوع من المثلجات نشتري ، وقتها اقترح علينا أن نشتري بوظة اسمها "تروبيكا " وللأمانة كانت لذيذة ، أما اللحظة الأكثر التصاقاً بالذاكرة فيما يتعلق بهذا الدكان ، فتكمن يوم جاءتنا أمي في الخامسة صباحاً ، وسألت أخي هذا السؤال :عمو أبو سمير امبارح بالليل كان منيح ؟ ..وقتها استغربنا السؤال ، أبو سمير توفي ، المشكلة أننا اشترينا منه الليلة الماضية وكان بخير ، لكنه رحل ، راح عمو أبو سمير ، وراحت الدكانة ، وراحت الروضة ، وراحت الدنيا ..ورحنا!
أذكر آخر حفلة شاركت بها في الروضة ، حفلة تخرجنا ، والتي عُقدت في الدار البيضاء ، وهي عبارة عن مركز للمعاقين ، وقتها رقصت مع الأطفال على أغنية "طيري طيري يا عصفورة" لريمي بندلي ، وكنت أرتدي تنورة برتقالية وكنزة بيضاء اللون ومكتوب على صدرها "روضة أطفال السلام" باللون الذهبي ..
ومضت الأيام ودخلتُ المدرسة ، وكانت أقسى اللحظات هي تلك التي أرى فيها وجه مديرة المدرسة ، ظلت حتى وقت طويل مصدر خوف بالنسبة لي ، كانت سمينة ، وتضع نظارة تصير سوداء في الشمس ، كانت عصبية ومخيفة جدا ..
أنا حتى اللحظة لا أنسى يوم تعرضت أنا ومعظم زميلاتي في الصف للعقاب الجماعي ، المشكلة أنني حتى اللحظة أرى أننا لم نستحق العقاب ، واللهِ لم نستحق العقاب ، يومها كنا مستعدّين لحصة الرياضة ، لا بل كنا متعطشين لها ..هي كانت محض حصة يتيمة في الأسبوع ..كيف لها أن تضيع ! كيف ؟ هل سننتظر حتى الأسبوع القادم  لكن ! خذلتنا السماءُ فأمطرت ، وقتها ..قالت المعلمة .. من يريد أن يخرج ليلعب ، فليخرج .. وخرجنا معظمنا ولعبنا ، ولكن يا فرحةً لم تكتمل ، جاءت المديرة وضربتنا كلنا ، لا أدري لماذا ؟ يبدو أننا ألححنا على المعلمة وقتها ، فخيّرتنا بين الخروج والبقاء في الصف ، وقتها لم يدر في خلدي أنني سأعاقب ..عوقبت وانتهى الأمر ..
أذكر حصة اللغة العربية ، أذكر كيف كانت المعلمة تُغرِقنا في المعلومات النحوية ، وقتها كنت أحب الدراسة جداً جداً ، كنت أكتب كثيراً ، تقريباً كل ما يقال في الحصة ، كنت أحشر المعلومات هنا وهناك ، ثم أقلب الكتاب وافتحه من الخلف وأكتب على الصفحات البيضاء الأخيرة المتواجدة هناك .. أذكر مرة ، كيف ضاع دفتر اللغة العربية ، وكيف بحثت عنه كثيراً ، كانت هذه بالنسبة لي من أبشع المصائب التي قد تحل بالإنسان ، وبعد اليأس الذي حل بي ، اشتريت دفتراً جديداً ثم أعدت الكتابة مرة أخرى ، مرت فترة لأكتشف فيما بعد أن زميلة لي اسمها أميرة قد سرقته ، أنا اكتشفت الأمر بنفسي ، ونظرت إلى حيث كنت قد كتبت اسمي عندما كان الدفتر لي فلم أجد اسمي ، بل كان مكان الاسم فارغاً ، يبدو أنها حاولت أن تمسح الاسم ، إلا أنها لم تستطع القيام بذلك ..
وأذكر كيف كانت دلال ..وهي الفتاة التي تجلس بجانبي تحاول أن تغش عني في الامتحان ، ويا لخيبة أملها ، فقد كانت تغش اسمي حتى !! .. لا أذكر أنني كنت أضحك على دلال أو على غيرها من الفتيات الضعيفات في الدراسة ، أما أن أكون فعلتها ونسيت ، فهنا اعتذر اعتذر من القلب !
أذكر ،، أذكر ..إحدى الامتحانات ..امتحان لغة عربية ،، وقتها نسيتُ سؤال ب5 علامات ..هذا كان خطأي الوحيد بالامتحان ، تباً له من خطأ .. المشكلة أنني أديت الامتحان ، ثم بقينا في المنزل حوالي أسبوعين ، لا أذكر لماذا بالضبط ، إما أنها كانت إجازة العيد ، أو منع تجوال من اليهود ، أو الاثنتين معاً ..وبقيت طوال هذه المدة أحاول أن أتذكر ، هل نسيت السؤال فعلاً أم أنه مجرد قلق ..
ولا زلت أذكر أنني في الصف الخامس أو الرابع قد حصلت على 16\20في امتحان الرياضيات الفصل الأول ، وفي الفصل الثاني حصلت على 20\20..
يا الله ..أذكر أنني كنت أقلق كثيرا كثيرا ، كان قلقي أكبر من حجمي ، كان قلقي أطول مني ، مع ذلك كان لي إرادة من حديد ..
*الفوضى التي كتبتها ، مجرد محاولة لأمسك بخيط الطفولة الذي أفلت مني منذ زمن ..


الأحد، 25 سبتمبر 2011

شيزوفرينيا!


أنتِ منذ مدة ، إن لم تضعِ المشط في شعرك لتسرحيه ، فإنك تضعين يدك ، تمررين أصابعك بين خصلات شعرك ، ثمّ تخرجيها ، لكن ! لا تخرج وحدها ، بل معها أكثر من شعرة ، قد سقطت ، وتسقط غير واحدة كل يوم ، ولأنك تحسين بأنك أصبتِ بشيزوفرينيا ، هذا إن لم تكن رفيقة طفولة أصلاً ، فإنك تستحمين رغم هذا التساقط ، بشامبو ضد القشرة ولست تعانين منها أصلاً !
وأنتِ ، أنتِ نفسك ، قد ضحكتِ قبل يومين من مدّرس لك ، وقلتِ أنه مجنون ويناقض نفسه في الدقيقة ألف مرة ، ثمّ تنفصمين منذ يومين ، إن لم تكوني مفصومة أصلاً ، وتكتبين حواراً لخمسة أشخاص ، يتجادلون حول القضية ، أنتِ كتبتِ الحوار ، وأنتِ نفسك دعمتِ رأيين اثنين متناقضين إلى أبعد أحد ، الأول يؤمن بالسلام كحل للقضية مُلهمةً بفيلم قلب من جنين، والثاني يؤمن بالحرب ولا شيء سوى الحرب  مُلهمَةً بقصيدة لا تصالح لأمل دنقل، واليوم أنتِ ومجموعتك هذه قد تجادلتم كثيراً حول الموضوع وصار الأمر شبه جدّي ، والآن تحسين بعبثية الحياة ، وجنون مجازفتك واختيارك لموضوع كهذا ، وبخيانة عظمى تجاه الوطن وشيزوفرينيا .
والفيلم! قلب من جنين ، الذي ألهمكِ لهكذا مجازفة ، والذي وقعت عينكِ عليه في شهر رمضان ، عندما كنت تقلّبين القنوات بحثاً عن شيء لا تدرين بالضبط ما هو ؟ .. وقتها صُعِقتِ ، ولا تكف الصعقة تلمسكِ حتى اللحظة ، كلما جاء ذكر هذا الفيلم على لسانك ، والآن حصلتِ عليه ، ولن تشفي منه أبداً !
أحمد الخطيب ، ابن جنين ، التي تحبينها حبّ عاشقٍ ، يرقص في آخر الفيلم ، وأنتِ تموتين بدل المرة ألفاً ، وإسماعيل :الأب .. يقتلك ، كلما طبّع تلك القبلة على جبين الفتاة الدرزية التي تحيا اليوم بقلب ابنه ، والمخرج يُعمِلُ سكيناً في القلب بهذه الموسيقى التي اختارها للفيلم !